بانجول
انطلقت اليوم بالعاصمة الغامبية، بانجول، أعمال الدورة العادية الثالثة والثمانين للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. وتشارك بلادنا في أعمال الدورة بوفد رفيع المستوى يرأسه المفوض المساعد السيد الرسول ولد الخال بمعية سعادة سفيرنا في جمهورية غامبيا السيد حمود ولد عبدي وطاقم السفارة.ويضم الوفد كلا من :- السيد سيدي محمد ولد الإمام، مدير حقوق الإنسان.- السيد اسلمو ولد علي، مدير العلاقات مع المجتمع المدني.
وقد ألقى السيد المفوض المساعد، كلمة الوفد الرسمي المشارك في أعمال الدورة، استعرض فيها أهم التطورات الحاصلة في مجال ترقية وحماية حقوق الإنسان في البلد خلال السنة الماضية، معرجا على أهم التحديات التي تواجه القارة الأفريقية وكذا الوضع المأساوي في قطاع غزة.وإليكم الكلمة التي ألقاها المفوض المساعد باسم الوفد.
إنه لمن دواعي السرور أن أشارككم اليوم، باسم حكومة الجمهورية الإسلامية الموريتانية، انعقاد الدورة الثالثة والثمانين للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. كما أغتنم هذه الفرصة لأتقدم بخالص الشكر وعظيم الامتنان لحكومة غامبيا على احتضانها لهذه الدورة وعلى حسن الاستقبال وكرم الضيافة اللذين حظيت بهما أنا والوفد المرافق لي منذ قدومنا إلى أرض جمهورية غامبيا؛ بلد الأمن والسلام. كما يطيب لي أن أهنئ باسم وفد بلادي السيد الرئيس وأعضاء اللجنة الموقرة على العمل الجبار الذي يقومون به للنهوض بحقوق الإنسان والشعوب على مستوى قارتنا، معبرا كذلك عن ارتياحنا لمستوى التعاون المتميز مع اللجنة وآلياتها الخاصة. السيد الرئيس؛على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة في مجال حقوق الإنسان، لا تزال قارتنا الأفريقية تواجه تحديات كبيرة، تقف حاجزا دون تمتع البعض بالحقوق الأساسية والضرورية.
من بينها، الحروب والنزاعات المسلحة، الإرهاب والمتاجرة بالبشر والهجرة السرية، والتأثيرات المناخية.وفي هذا الإطار، تواصل حكومة بلادي جهودها الحثيثة، على المستوييْن الدولي والإقليمي، للمساهمة الفعالة في إيجاد حلول لمختلف بؤر النزاع في العالم وخاصة تلك القائمة في جوارنا الإقليمي، باستقبال وإيواء النازحين وطالبي اللجوء، وتنفيذ مقاربة أمنية شاملة، نجحت في التصدي للإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة العابرة للحدود.ولعل رئاسة بلادي للاتحاد الافريقي، التي انتهت في السابع عشر من شهر فبراير الماضي، وما تم خلالها من إنجازات في العديد من الملفات الاستراتيجية للقارة، خير دليل على هذا الالتزام.السيد الرئيس،لا يمكن الحديث عن حالة حقوق الإنسان في العالم، دون استحضار معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق في قطاع غزة. تلك المعاناة التي فاقت حدتها كل التوقعات. فمشاهد الدمار الهائل الذي خلفه العدوان، وعشرات آلاف المشردين، من النساء والأطفال والمسنين، لدليل قاطع على عدم تحمل المجتمع الدولي لمسؤولياته.وعليه، فهو مطالب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بمضاعفة الجهود لمواصلة وقف إطلاق النار وإدخال المساعدات الإنسانية بالكم المطلوب، ودعم جهود الإغاثة والإعمار، سعيا لإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني الشقيق، وفتح آفاق لحل عادل يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.إن على المجتمع الدولي أن ينبذ سياسة ازدواجية المعايير في التعامل مع الدول، حتى لا يفقد مصداقيته وتسقط الثقة بشعاراته ومبادئه، وحتى لا تكون كرامة الإنسان وحقوقه تتفاوت قدسيتها بحسب الانتماء.السيد الرئيس،عرفت حالة حقوق الإنسان في بلادي خلال العام المنصرم انجازات كبيرة، تعززت معها المكتسبات الوطنية في مجال بناء دولة القانون والمؤسسات وترسيخ قيم الديمقراطية والحقوق والحريات.وفي هذا السياق، شرعنا في تنفيذ الإستراتيجية الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان 2024-2028، الأولى من نوعها في البلاد. كما عرف الإطار القانوني تطورا هاما باستصدار القانون 039-2024 المتعلق بإنشاء المحكمة المتخصصة لمحاربة العبودية والاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، الذي سمح بتوسيع نطاق اختصاص المحكمة، وتقريب العدالة الجنائية من المواطنين والضحايا على وجه الخصوص. علاوة على القانون 039-2024 المتضمن الأحكام الجنائية المتعلقة بنظام الهجرة، الذي سد فراغا تشريعيا كان قائما في المنظومة القانونية الوطنية لمحاربة تهريب المهاجرين.السيد الرئيس، في مجال ترقية الحقوق المدنية والسياسية، ساهم جوُّ التهدئة والانفتاح السياسي والحوار، والتشاور، الذي اعتمده فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، في حَصْرِ الاختلافِ بين الفرقاء السياسيين.
وهو ما مَكن من تنظيم انتخاباتٍ رئاسية، شفافة ونزيهة، في يونيو الماضي، في إجماع تام على قواعدها وأُسُسِ تسييرها. كما تواصل الحكومة تنفيذ الوثيقة الوطنية لإصلاح وتطويرِ العدالة، التي تضمن عصرنة قطاع القضاء، وتطوير بُناهُ التحتية، وتحسينِ ظروفِ العاملين به، ضمانا لاسْتِدامةِ ما تحقق في مجالات الحَكامة السياسية وترسيخ مبدأ الفصلِ بين السلطات.وفي مجال الحماية، أطلقنا منصة رقمية تدعى “حمايتي” لاستقبال ومعالجة الشكاوى المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان. كما قمنا، عن طريق صندوق دعم ومساعدة ضحايا الاتجار، بتسليم مِنَحٍ مالية لتمويل أنشطة مدرة للدخل لصالح ضحايا الإتجار بالأشخاص، علاوة على اعتماد خطة العمل الوطنية الثانية لمكافحة الاتجار بالأشخاص.وفي إطار ترقية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، واصلت الحكومة تنفيذ البرامج الاجتماعية والخدمية، خاصة لترقية وتطوير قطاعيْ الصحة والتعليم.ففي ما يخص التعليم، تواصل الحكومة، للسنة الثالثة، تنفيذَ مشروع المدرسة الجمهورية، الرامية إلى ترسيخ مبدأ الإنصاف والمساواة. وبفضل الجهود المبذولة في هذا الإطار، وصَلَ معدلَ التمدرسِ الابتدائي الصافي إلى 81 في المائةِ ونسبةَ الاسْتِبْقاءِ إلى 83 في المائة. وفي ما يتعلق بالخدمات الصحية، مَكنَت جهود الحكومة من إيصال نسبةِ النفاذِ للخدمات الصحية لِما يناهزُ ثمانينَ في المائة سنة 2024.السيد الرئيس، عملنا خلال العام المنصرم على تعزيز تفاعل البلاد الإيجابي مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان وتعزيز تواجد خبراءنا الوطنيين في لجان المعاهدات الدولية. وفي هذا السياق، تم انتخاب بلادنا لعضوية لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل. كما تم تقديم ومتابعة التقارير الدورية وتقارير المتابعة أمام كل من لجنة الأمم المتحدة للحقوق الاقتصادية والاجتماعية ولجنة الخبراء الأفارقة لحقوق ورفاهية الطفل.ومن المتوقع أن نستقبل نهاية العام الجاري، زيارة المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين.ومن أجل ضمان متابعة دقيقة لتنفيذ التوصيات الصادرة لبلادنا من مختلف الآليات الدولية والإقليمية لحقوق الإنسان، قمنا بإطلاق العمل بقاعدة بيانات الكترونية للمتابعة الدقيقة للتوصيات الصادرة لبلادنا في مجال حقوق الإنسان. السيد الرئيس،إن الحكومة الموريتانية ما فتئت تؤكد على تمسكها بالتزاماتها الإفريقية في مجال حقوق الإنسان وباستعدادها الدائم للتعاطي الإيجابي والفعال مع جميع آليات اللجنة.
وستتعزز هذه الشراكة بإيداع التقرير الدوري الثامن عشر حول تنفيذ الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب خلال العام القادم بحول الله. ونتطلع إلى المزيد من التعاون من خلال تبادل التجارب ما بين مؤسساتنا المختصة واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب.أسمحوا لي ختاما أن أؤكد لكم حرص السلطات العليا في بلادنا على المضي قدما في مواكبة كافة الجهود الرامية إلى حفظ وصيانة كرامة الإنسان على مستوى القارة، متمنيا لأعمال دورتنا التوفيق والنجاح. أشكركم، والســلام عـليكم ورحمة الله تعالى وبركاته