أوضح معالي مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، السيد الشيخ أحمدو ولد أحمد سالم ولد سيدي، أن إشراف فخامة رئيس الجمهورية، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، يوم 27 مايو 2021 المنصرم على الانطلاقة الرسمية للتأمين الصحي الشامل لصالح 100.000 أسرة محتاجة، أي ما يربو على 15% من المواطنين، يترجم بحق الإرادة القوية لبلادنا في ترقية وحماية حقوق الإنسان والتفاعل الإيجابي مع المنظومة الدولية لحقوق الإنسان.
وأضاف، في خطاب ألقاه اليوم الخميس في جنيف خلال جلسة مجلس حقوق الإنسان المتعلقة بالمصادقة على الوثائق النهائية الخاصة بالجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل للجمهورية الإسلامية الموريتانية، أن الحكومة اتخذت حديثا خطوات جبارة تساهم في إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية خاصة للفئات الهشة، شملت تنفيذ برنامج وطني لاستصلاح الأراضي الزراعية وإنشاء وتأهيل السدود، وتطوير التمويلات الصغيرة في المناطق الريفية بهدف الوصول إلى الخدمات والموارد المالية الأساسية، بتكلفة أقل، لصالح سكان الريف، والدمج الاقتصادي للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال تمويل المشاريع الصغيرة المدرة للدخل والمولدة للعمالة من أجل التمكين الاقتصادي، وتكثيف مكافحة سوء تغذية النساء والأطفال، وزيادة المعاش الأساس بنسبة مائة في المائة لجميع المتقاعدين، ومضاعفة معاش أرامل المتقاعدين واستفادتهن من التأمين الصحي، وزيادة رواتب عمال الصحة بنسبة ثلاثين في المائة، وتعميم علاوة الخطر، وزيادة التكفل بحصص التصفية لفائدة مرضى الفشل الكلوي المعوزين بنسبة خمسين في المائة، واستفادتهم من تحويلات نقدية شهرية مناسبة.
وفيما يلي النص الكامل لخطاب معالي المفوض:
“بسم الله الرحمن الرحيم
وصلــــــــــــــى الله على نبيه الكريم
السيد(ة) رئيس(ة) مجلس حقوق الإنسان؛
السادة والسيدات رؤساء البعثات المشاركة؛
أيها السادة والسيدات؛
يطيب لي بداية أن أقدم لجمعكم الموقر، أصالة عن نفسي ونيابة عن حكومة الجمهورية الإسلامية الموريتانية، الشكر الجزيل على ما تقومون به من عمل جبار خدمة لحقوق الإنسان في جميع البلدان. كما أقدم لكم بذات المناسبة شكرنا العميق وامتناننا لمشاركتكم الفعالة في مسار الاستعراض الدوري الشامل لبلادي في دورته الثالثة.
وأخص بالشكر فريق العمل المعني بالاستعراض الدوريِ الشامل على جهوده المتميزة وسعيه الدؤوب إلى إنجاح آلية الاستعراض، وكذلك أعضاء “الترويكا”، الصين وليبيا والمملكة المتحدة، المشرفين على مداولة تقريرنا الوطني، ووكالات الأمم المتحدة المختصة والتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف والمنظمات الدولية.
السيد(ة) الرئيس(ة)؛
أيها السادة والسيدات؛
أجدد من هذا المنبر التزام بلادي بالمشاركة الفعالة في آلية الاستعراض الدوري الشامل وعزمها على المضي قدما في التعاون مع الدول الأعضاء في مجلسنا الموقر من أجل الرفع من أداء هذه الآلية التي أثبتت نجاعتها في ترقية وحماية حقوق الإنسان في العالم.
وفي ذات السياق، نثمن عاليا الحوار البناء الذي تم خلال الدورة ال 37 لفريق العمل المعني بالاستعراض الدوري الشامل في 19 يناير 2021 والذي تمخض عنه تقديم 266 توصية لبلادنا.
السيد(ة) الرئيس(ة)؛
أيها السادة والسيدات؛
حرصا منا على التعاطي الإيجابي مع كل التوصيات، عمدنا إلى بحث التوصيات التي وجهت إلينا بعناية مباشرة بعد صدورها، وفقا لمقاربة تشاركية شملت جميع الفاعلين المعنيين خاصة من قطاعات حكومية ومنظمات مجتمع مدني. وقد أفضى ذلك إلى قبول 201 توصية، أي أكثر من 75% من مجموع التوصيات الصادرة لبلادنا. بينما تم أخذ العلم ب65 توصية أخرى.
كما تم خلال هذا المسار، استعراض الإجراءات التي ستتخذها الحكومة مستقبلا لتنفيذ التوصيات المقبولة.
السيد(ة) الرئيس(ة)؛
أيها السادة والسيدات؛
إن عزمنا على إعمال كل التوصيات المقبولة من قبلنا، يتجلى في أن أغلبها قد تم تنفيذه بالفعل أو هو قيد التنفيذ أو الدراسة. أما التوصيات التي لم تحظ بتأييد بلادي فإنها تنحصر في ما يتعارض مع أحكام دستورنا.
وهكذا تم على إثر مسار المشاورات المنوه به أعلاه، في مجال تطوير الإطار القانوني لحقوق الإنسان الذي صدرت لنا حوله 33 توصية قبول التصديق على:
– البروتوكول الاختياري بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة؛
– اتفاقية اليونسكو المناهضة للتمييز في التعليم؛
– اتفاقية 1954 بشأن الأشخاص عديمي الجنسية؛
– واتفاقية 1961 بشأن خفض حالات انعدام الجنسية.
بينما لم تحظ بالتأييد التوصيات المتعلقة بالتصديق على كل من البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الرامي إلى إلغاء عقوبة الإعدام والانضمام إلى نظام روما الأساسي لمحكمة العدل الدولية.
وهنا نشير إلى عزمنا مواصلة الوقف الاختياري الفعلي المطبق على حالات عقوبة الإعدام، الذي يجري العمل به منذ عام 1987. ومن جهة أخرى، ننوي النظر مستقبلا في موقفنا من الانضمام إلى نظام روما الأساسي مع مراعاة ما تمليه مصالحنا الوطنية.
كما صدرت لنا 29 توصية تتعلق بمواءمة تشريعاتنا الوطنية مع أحكام المعاهدات المصدق عليها من طرفنا. وتم في هذا الإطار قبول التوصيات المتعلقة بتعديل قانون الجمعيات والمؤسسات والشبكات ليتناسب أكثر مع النظم الدولية المتعلقة بالحريات الأساسية، وكذا تحسين المنظومة القانونية فيما يتعلق بمقتضيات الاتفاقيات الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري وجميع أشكال التمييز ضد المرأة.
بينما لم تحظ بالتأييد التوصيات المتعلقة بإلغاء عقوبة الإعدام وإلغاء تجريم المثلية الجنسية والعلاقات الجنسية بالتراضي بين الأشخاص المنتمين لنفس الجنس وإلغاء تجريم الردة والاستهزاء وعقوبة الزنا، لأنها تخالف أحكام دستور البلاد. غير أننا نؤكد هنا على أن الأجانب وغير المسلمين أحرار في ممارسة دينهم في موريتانيا وفقا للقوانين الوطنية والقيم الأخلاقية.
وفيما يتعلق بتعزيز المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، صدرت لنا 12 توصية قبلناها جميعا، حيث عملنا جاهدين على تعزيز قدرات المحاكم المختصة بمحاربة العبودية واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب. كما يجري العمل حاليا، بالتعاون مع مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في بلادنا، على إعداد استراتيجية وطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان تحت إشراف مفوضية حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني.
وبخصوص ترقية الحقوق المدنية والسياسية خاصة حرية التعبير والتجمع، صدرت لنا 13 توصية، قبلنا منها ما يتعلق بالولوج إلى خدمات الحالة المدنية وتكريس حرية الجمعيات والتجمعات السلمية ونشاطات المدافعين عن حقوق الإنسان.
تجدر الإشارة هنا إلى أن بلادي اعتمدت مطلع هذا العام قانونا جديدا ينظم الفضاء الجمعوي ويكرس حرية التجمع باعتماد نظام التصريح لإنشاء الجمعيات بدلا من نظام الترخيص المسبق.
وفي مجال محاربة الاتجار بالبشر صدرت لنا 29 توصية صادقنا عليها جميعا دون استثناء.
وقد قمنا خلال الفترة المنصرمة بعمل مشهود في هذا الصدد، حيث اعتمدت الحكومة القانون 2020-017 المتعلق بالوقاية من الاتجار بالبشر ومعاقبته وحماية الضحايا. وفرغنا للتو من دراسة أربع ظواهر من الاتجار بالبشر هي التسول القسري للأطفال والعمل الجبري والمبكر والزواج المبكر والبغاء الجبري.
وسنكثف حملات التحسيس والتوعية والنشر للقوانين المناهضة للاتجار بالبشر والعبودية والتمييز وغيرها، من أجل نبذ تلك المسلكيات وضمان إنفاذ فعال للقوانين.
وقد نظمت الحكومة بداية شهر يونيو بالتعاون مع مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في بلادنا طاولة مستديرة حول تطبيق القانون 031/2015 المجرم للعبودية والمناهض للممارسات الاستعبادية، سعت إلى التعرف على التقدم الحاصل في إنفاذ القانون وتشخيص أهم العقبات التي تعترض سبيل تطبيقه الفعال، إضافة إلى صياغة توصيات واقتراحات لمعالجتها.
وفيما يتعلق بالقضاء على التعذيب تلقينا 3 توصيات صادقنا عليها جميعا.
كما تلقينا 11 توصية تتعلق بمحاربة التمييز تم قبولها جميعا. يتعلق الأمر بتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لتعزيز اللحمة الاجتماعية ومحاربة التمييز العنصري خاصة ضد الفئات الأكثر هشاشة، من خلال برنامج وطني يأخذ بعين الاعتبار مجمل التوصيات الصادرة في هذا المحور.
وفي مجال ترقية حقوق المرأة، وجهت لنا 63 توصية قبلناها بشكل عام باستثناء التوصيات 130.8 و130.64 و130.65 المتعلقة على التوالي بالمثليين والميراث وتوريث الجنسية التي يتعارض مضمونها مع أحكام دستور البلاد.
وقد تم بالفعل اتخاذ الإجراءات الكفيلة بتنفيذ بعض التوصيات المقبولة في هذا الإطار خاصة فيما يتعلق بإنشاء المرصد الوطني لحقوق المرأة والفتاة بموجب المرسوم 140-2020، ومحاربة الخفاض وتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمأسسة النوع وولوج المرأة إلى مراكز صنع القرار وتنفيذ البرامج الاقتصادية الهادفة إلى التمكين لها في المجالات الاقتصادية والتعليمية والتشغيل.
ولتنفيذ التوصيات المتبقية سنقوم باتخاذ الإجراءات اللازمة، التي من ضمنها اعتماد قانون جديد لمحاربة العنف ضد النساء والفتيات، يجرم الاغتصاب ويعاقبه ويطرح الأسس القانونية والاجرائية لحماية فعالة للمرأة والفتاة ضد جميع أشكال العنف الجسدي واللفظي والجنسي والنفسي. كما سيتم تكثيف البرامج الهادفة إلى تعزيز نفاذ المرأة لخدمات الصحة الإنجابية وترقية الريادة النسائية للأعمال والمقاولات والملكية العقارية.
وفيما يتعلق بترقية حقوق الطفل، تلقت بلادي 17 توصية صادقت عليها جميعا. وإعمالا للتوصيات في هذا الإطار، سنضع سياسات تهدف إلى الرفع من نسبة التمدرس لدى البنات والأطفال ذوي الإعاقة والأطفال في الوسط الريفي، ونباشر بتقييم خطة العمل الوطنية للقضاء على عمالة الأطفال ونسهر على تنفيذ توصيات الدراسة التي قمنا بها مؤخرا للقضاء على ظاهرة التسول القسري للأطفال.
تلقينا كذلك 6 توصيات بخصوص ترقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة تم قبولها جميعا. وقد اتخذت الحكومة مؤخرا إجراءات مهمة في هذا الصدد من ضمنها:
– تأمين الضمان الصحي لذوي الاحتياجات الخاصة؛
– صرف تحويلات نقدية شهرية للأطفال متعددي الإعاقات.
وفي مجال حماية حقوق المهاجرين، تلقينا 5 توصيات صادقنا عليها كلها تتعلق بحقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم واللاجئين وتقديم الدعم القانوني والدمج الاجتماعي لهم.
وفي مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، صدرت لبلادي 13 توصية تتعلق بالحق في التنمية و4 توصيات لمكافحة الفقر وتوصيتان للولوج لخدمات الصحة و17 توصية لترقية الولوج إلى التعليم و3 توصيات تتعلق بالبيئة. وقد صادقت الحكومة على جميع هذه التوصيات. وسنعمل على إعمالها من خلال مختلف البرامج المتخصصة.
السيد(ة) الرئيس(ة)؛
أيها السادة والسيدات؛
إن إشراف فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في يوم الجمعة 27 مايو 2021 المنصرم على الانطلاقة الرسمية للتأمين الصحي الشامل لصالح 100.000 أسرة محتاجة، أي ما يربو على 15% من المواطنين، يترجم بحق الإرادة القوية لبلادنا في ترقية وحماية حقوق الإنسان والتفاعل الإيجابي مع المنظومة الدولية لحقوق الإنسان.
وفي ذات السياق، اتخذت الحكومة حديثا خطوات جبارة تساهم في إعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية خاصة للفئات الهشة، نذكر منها:
– تنفيذ برنامج وطني لاستصلاح الأراضي الزراعية وإنشاء وتأهيل السدود؛
– تطوير التمويلات الصغيرة في المناطق الريفية بهدف الوصول إلى الخدمات والموارد المالية الأساسية، بتكلفة أقل، لصالح سكان الريف؛
– الدمج الاقتصادي للأشخاص ذوي الإعاقة من خلال تمويل المشاريع الصغيرة المدرة للدخل والمولدة للعمالة من أجل التمكين الاقتصادي؛
– تكثيف مكافحة سوء تغذية النساء والأطفال؛
– زيادة المعاش الأساس بنسبة مائة في المائة لجميع المتقاعدين؛
– مضاعفة معاش أرامل المتقاعدين واستفادتهن من التأمين الصحي؛
– زيادة رواتب عمال الصحة بنسبة ثلاثين في المائة، وتعميم علاوة الخطر عليهم؛
– زيادة التكفل بحصص التصفية لفائدة مرضى الفشل الكلوي المعوزين بنسبة خمسين في المائة، واستفادتهم من تحويلات نقدية شهرية مناسبة.
السيد(ة) الرئيس(ة)؛
أيها السادة والسيدات؛
نعد الآن لتنظيم ورشة تشاورية لمشاركة نتائج الاستعراض الدوري الشامل مع جميع الفاعلين في المجال الحقوقي خاصة منظمات المجتمع المدني. وعلى إثر ذلك سنباشر إعداد خطة عمل وطنية لتنفيذ التوصيات ال201 المقبولة، والتي ستكون مصب اهتمام العمل الحكومي خلال السنوات الأربع القادمة في مجال حقوق الإنسان.
كما سيتم تضمين الإجراءات المنفذة لهذه التوصيات في خطة العمل الوطنية الخمسية لترقية وحماية حقوق الإنسان وخطط العمل القطاعية.
وفي هذا الإطار، نعول على مواكبة مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في بلادنا وما يقدمه من مساعدة فنيةَ للهيئات الوطنية المعنية. وأمـلنا أن يتواصل هذا الدعم مواكبة للإصلاحات الجاريةِ، وأنْ يَشْمَلَ تعزيزَ قُدُراتِ الهيئات المكلفة بحقوق الإنسان، ووضع خطة عمل لتنفيذ توصيات هيئات المعاهدات والإجراءات الخاصة والاستعراض الدوري الشامل.
السيد(ة) الرئيس(ة) ؛
أيها السادة والسيدات؛
في ختام هذا العرض لا يسعني إلا أن أجدد شكر بلادي وامتنانها لكم ولأعضاء مجلسنا الموقر ولجميع من شاركوا في مسار الجولة الثالثة للاستعراض الدوري الشامل لموريتانيا، وأعرب عن ترحيبنا بالمداخلات التي سيتقدم بها المشاركون، آملين أن يسهم كل ذلك في دعم مسار الارتقاء بحقوق الإنسان الذي يشكل خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه لبلادنا.
أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.