.
قال معالي المفوض في البداية إن حقوق الإنسان تحتل الصدارة في برنامج فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني “تعهداتي” الذي كان برنامجا قريبا من الفئات الهشة . وأضاف أن القناة الرسمية سبق وأن أجرت لقاء مع أربعة وزراء هم معالي وزير الصحة ومعالي وزيرة العمل الاجتماعي والطفولة والأسرة ومعالي مفوضة الأمن الغذائي والسيد المندوب العام لـ “تآزر” حول جوانب هامة من برنامج فخامة رئيس الجمهورية . والليلة ـ يقول معالي المفوض ــ سننتهز فرصة هذا اللقاء لنعرض بعض الانجازات التي تحققت في مجال حقوق الإنسان
معالي المفوض أوضح أن فخامة رئيس الجمهورية عمل على إرساء مناخ، مثل أرضية جيدة لتحقيق الإنجازات في مجال حقوق الإنسان، تميز بالانفتاح وانتهاج سنة التشاور. وعدد من تلك الإنجازات انتهاج نظام التصريح بدل الترخيص لمنظمات المجتمع المدني والتعامل مع كل المنظمات الوطنية الفاعلة في المشهد الحقوقي المرخصة والتي كان كثير منها يعاني التهميش بل ويوصف أحيانا بالخيانة مثل منظمة “نجدة العبيد” وهيئة الساحل” ومنظمة زينب بنت الطالب موسى، مضيفا إننا نتعامل مع كثير من منظمات المجتمع المدني ونمول لها الكثير من الأنشطة والتحسيس في مناطق البلاد المختلفة.
وأكد أنه من باب الأمانة لا يجب تهميش هذه المنظمات ولا المزايدة على وطنيتها فالتجربة برهنت على أنها تحب الوطن وتعمل على لم شمل جميع الموريتانيين.
وفي مجال ما تحقق من إنجازات أيضا، ذكر معالي المفوض بأن مقرر الأمم المتحدة المعني بالفقر المدقع وحقوق الإنسان، أعد تقريرا ناريا وسيئا جدا عن واقع حقوق الإنسان بعد زيارته للبلاد سنة 2017، لكن المقرر الخاص للأمم المتحدة الخاص المعني بمحاربة أشكال الرق الذي زار البلاد سنة 2022 وقضى هنا 14 يوما التقى خلالها مع فخامة رئيس الجمهورية ومعالي الوزير الأول وبعض الوزراء والمسؤولين والهيئات المعنية بحقوق الإنسان وطنيا ودوليا قد أعد تقريرا جيدا عن وضع حقوق الإنسان بالبلد بل إنه من أحسن التقارير التي أعدت حول موريتانيا قال فيه: “إن موريتانيا حققت تقدما ملحوظا وواضحا في مجال حقوق الإنسان وهي مؤهلة لأن تكون رأس القاطرة بالنسبة لدول شبه المنطقة وأستاذ تعليم لما أنجز في مجال حقوق الإنسان”. ونوه معالي المفوض بأن التقريرين منشورين على الانترنت لأن قطاعه ليس لديه ما يخفيه في عصر الشفافية.
وأضاف معالي المفوض أنه في 2017 طرد وفد من المعهد الأمريكي للانعتاق طردت من المطار، وفي 2020 طلب وفد من المعهد نفسه زيارة موريتانيا فتم له ذلك وأعد تقريا جيدا عن وضعية حقوق الإنسان بالبلد .وهنأت موريتانيا على التقدم الحاصل في هذا الموضوع، مذكرا بأن ممثل المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان سبق وأن طرد من البلاد2017 كشخص غير مرغوب فيه، وممثل هذه المفوضية يعمل هنا حاليا وبكل أريحية، وقد لا نكون بالضرورة متفقين معه في كل شيء لكنه يعطي دائما ملاحظات جيدة عن بلادنا.
هذه نقاط تظهر أن هناك تحول جيد وصراحة أعطت نتائج جيدة بكل تأكيد.
و أوضح أن تقارير المنظمات الدولية حول حقوق الإنسان بالبلاد تثبت أن موريتانيا منفتحة على العالم وليس لديها ما تخفيه بخصوص حقوق الإنسان.
وردا على سؤال للصحفي المحاور حول الفرق بين مفوضية حقوق الإنسان واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان قال معالي المفوض: هذا السؤال وارد وسبق وأن سئلت عنه أكثر من مرة، حتى في البرلمان، والجواب هو أن المفوضية هي ذراع الدولة الذي يعمل على وضع وتنفيذ وترقية السياسات العمومية في مجال حقوق الإنسان. ومتابعتها وتقيمها كذلك، أي أنها هي الجهاز الحكومي المعني بهذا الموضوع كله، أما اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان فهي مؤسسة دستورية مستقلة استشارية في مجال حقوق الإنسان.
وانأ أضرب دائما مثلا بسيطا وهو أنه إذا كان لدينا مشروع بناء عمارة، على سبيل المثال، فسيكون لدينا أطراف ثلاثة هي: المالك والمؤسسة التي ستقوم بالبناء والمكتب المكلف بمراقبة الأشغال، إذا أسقطنا هذا المثال البسيط فسنقول إن المالك هو الدولة (الشعب، الحكومة)، الشركة التي تنفذ الأشغال هي مفوضية حقوق الإنسان ومكتب مراقبة المراقبة هو اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان.
وفي رده على سؤال حول ما قامت به المفوضية في مجال سن القوانين وإنفاذها والتحسيس بها، قال معالي المفوض إنه ومنذ وصول فخامة رئيس الجمهورية لسدة الحكم تم سن ترسانة قانونية قوية من ضمنها قانون ضد الاتجار بالبشر وآخر حول تهريب المهاجرين كما تم تفعيل أخرى مثل قانون مكافحة الاسترقاق الصادر سنة 2015، ومن أجل تنفيذ هذه القوانين، يقول معالي المفوض، تم تنظيم طاولة مستديرة جمعت كافة الأطراف المعنية، من قضاة ومحامين ومنظمات المجتمع المدني والشركاء المعنيين، وطلب من الجميع تقديم آرائهم حول كيفية تنفيذ هذه القوانين وخرجت الطاولة بمسودة بها مجموعة من النقاط التي ينبغي تنفيذها واحدة تلو الأخرى، وكان أول ما قمنا به إصدار تعميم مشترك موقع من طرف ثلاثة وزراء هم وزراء الداخلية والعدل والدفاع لحث السلطات الإدارية القضائية والأمنية على وجوب تنفيذ هذه القوانين.
النقطة الثانية:- تم إنشاء خلية مشتركة بين وزارة العدل والمفوضية والنيابة العامة لنفض الغبار عن جميع الملفات التي لها صلة بالاسترقاق، لمعرفة الحالات العالقة وتجتمع هذه الخلية أسبوعيا لمعرفة الملفات العالقة وتتصل بالمحاكم لمعرفة أسباب التأخر إن كانت موجودة. كما أصبحت لدينا إحصاءات عن جميع الملفات وسجلنا تقدما في معالجة جميع المشاكل.
من جهة أخرى، يقول معالي المفوض ،تم التعاقد مع مكاتب محاماة وطنيين لمؤازرة الضحايا قانونيا، فعلنا آلية جديدة بحيث تصبح المفوضية طرفا مدنيا كلما وجدت شبهة استرقاق أو متاجرة، قمنا بتكوين منظمات مجتمع مدني، على معرفة تقنيات الرصد والتوثيق من أجل توفير البينة لتنوير القضاة قبل إصدار أحكامهم القضائية.
وفي إجابة له حول ما إذا كانت لا تزال هناك حالات من الاتجار بالبشر والاسترقاق وما ذا قامت به المفوضية لمحاربتها؟، قال معالي المفوض: ماذا نقول؟ .. نحن وضعنا ترسانة قانونية من أقوى ما يمكن تعرف بالاسترقاق وتصفه بأنه جريمة ضد الإنسانية غير قبالة للتقادم، وتم تكوين القضاة وأنشأنا محاكم مختصة وأطلقنا منظمات مجتمع مدني تبحث عن الحالات، بعد ذلك ما تم الاشتباه فيه ستطبق عليه المساطر القانونية. لا نقول إنه لم تعد توجد حالات استرقاق أو اتجار بالبشر في البلاد، لأن هذا النظام لا يتبنى سياسة الإنكار التي، ربما، كانت موجودة في السابق، لكننا في المقابل لا نختلق حالات غير موجودة أصلا، وما وجد سيطبق عليه القانون بقوة وصرامة.
وردا على سؤال حول ما قامت به المفوضية في مجال التحسيس حول خطورة هذه الظواهر قال معالي المفوض: لقد بذلنا الكثير في هذا المجال أود أن أتكلم عن الأخيرة منها لأنها كانت شاملة وكبيرة وغير مسبوقة، أطلقناها في 13 أكتوبر 2022 وكانت هي أكبر قافلة حقوقية في تاريخ البلد، واستهدفت التحسيس حول ما نعتبره أمهات القوانين المعنية بحقوق الإنسان وهي قوانين تتعلق ب(محاربة الاتجار بالبشر، التمييز، الاسترقاق، التعذيب) وتكونت أهداف القافلة من شقين واحد يستهدف المواطنين وآلية تنفيذه هي منظمات المجتمع المدني بواسطة منتديات المجتمع المدني الموجودة في كل الولايات والتي تنضوي تحت لواء كل منها مئات منظمات المجتمع المدني، وأضفنا لهم منظمات مجتمع مدني لها تاريخ نضالي قوي والتي ذكرنا بعضها سابقا وأطلقنا الجميع في كافة أرجاء الوطن حيث تأكدنا أنهم قاموا بتحسيس 498000 شخص في مدة شهر واحد.
الشق الثاني يستهدف السلطات الإدارية والقضائية والأمنية والآلية التي أخذنا لتنفيذه هي وزارة العدل اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان والآلية الوطنية للوقاية من التعذيب والمفوضية بطبيعة الحال، وقمنا بدورة كاملة مع المعنيين للتبادل معهم وحثهم على التطبيق الفعلي والصارم للقوانين المذكورة. ولقد علمت اليوم بأن وزارة العدل ستقوم بعمل مماثل كما سبق للنيابة العامة أن بذلت هي الأخرى جهودا في هذا المجال.
وبخصوص الهيئة الوطنية لمحاربة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، أكد معالي المفوض أنه كان لابد منها تأسيس هذه الهيئة لوضع سياسات وبرامج الدولة وتنفيذها في هذا المجال وهي تندرج ضمن الخطة الوطنية لمحاربة الاسترقاق والاتجار بالبشر المعروفة بـ “م ن ر” التي تمكن من التعرف على الضحايا وتكوين الأشخاص العاملين في المناطق الحدودية وكل الأماكن التي يفترض أنه توجد بها حالات اتجار بالبشر.
وعرف معالي المفوض الاتجار بالبشر بأنه : “كل تشغيل بالتخويف والقوة والإكراه للإنسان دون إرادته ودون أجر يذكر”. وردا على سؤال حول ما تقوم به المفوضية في مجال مناصرة الضحايا قال معالي المفوض: في الفترة الأخيرة تم اكتشاف حالتين (مفترضتين)،حالة استرقاق وحالة اتجار بالبشر، في إحدى مناطق البلاد، فسارعت المفوضية بإرسال بعثة رفيعة المستوى للوقوف على الأمر ميدانيا والتأكد من تطبيق المساطر القانونية وأن العدالة قد أخذت مجراها.
وقامت المفوضية بالتكفل بالضحيتين، عن طريق الهيئة الوطنية لمحاربة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، اللذين قدمت لهما المأوى والغذاء والملبس، واستقدمت لهما أقاربهما من داخل البلاد لدعمهما والوقوف بجانبهما، كما استخرجت المفوضية للضحيتين الأوراق المدنية بالتعاون مع الوكالة الوطنية للوثائق المؤمنة. وتعمل حاليا على توفير التأمين الصحي لهما بالتعاون مع مندوبية “تآزر” .
ونوه معالي المفوض بأن التقدم الحاصل في مجال حقوق الإنسان في البلاد عرف إشادة كبيرة من الشركاء الدوليين ومن أمثلة ذلك ما صرح به وزير الخارجية الأمريكي الحالي بلينكن نهاية العام الماضي إذ يقول: “أظهرت موريتانيا التزاما نشطا بتحسين الحوكمة ومعالجة الشواغل المتعلقة بحقوق الإنسان“ وهذا اعتراف مهم جدا ونادر. من جانبها قالت وكيلة وزارة الخارجية الأمريكية المكلفة بالديمقراطية وحقوق الإنسان التي زارت بلادنا مؤخرا ” أعرب عن شكري وامتناني للمفوضية على المجهود الجبار الذي قامت به خلال السنوات الماضية في مجال محاربة الاتجار بالبشر وعن تقديري للتقدم الملحوظ في مجال ترسيخ الديمقراطية الموريتانية”. كما أن ممثلية المفوضية السامية لحقوق الإنسان في بلادنا تشيد دائما بالتقدم الحاصل في هذا المجال.
وحول انتقال اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان من تصنيف (ب )إلى الفئة (أ) أوضح معالي المفوض أن ذلك نتيجة تصنيف قيم به في سبتمبر 2020 بعد أكثر من سنة على تسلم فخامة رئيس الجمهورية مقاليد الحكم وهو ثمرة لرؤيته الواضحة في مجال حقوق الإنسان، حيث أعطى الحرية التامة للجنة، بعد أن كانت مقيدة، مما مكنها من الانتقال إلى أي مكان تريده وأن تعبر عن وجهة نظرها بكل حرية وهو ما رشحها للاستفادة من التصنيف الجديد. الذي نهنأ اللجنة عليه، يقول معالي المفوض.
ومن الأمثلة على التقدم الحاصل في حقوق الإنسان في البلد، قال معالي المفوض: أمريكا لديها مؤشر من 3 درجات في مجال الاتجار بالبشر وقد كانت موريتانيا في الدرجة الثالثة قبل وصول هذا النظام للسلطة مما يعني أنها غير فاعلة في مجال حقوق الإنسان وانتقلت الآن إلى الدرجة الثانية بعد وضع الترسانة القانونية الجديدة وبدء تنفيذها، وحول الاتفاقيات في مجال حقوق الإنسان التي تصادق عليها بلادنا، أكد معالي المفوض أنها عامة ودولية لكننا بلد ذو سيادة ولا يمكن اجبراه على قبول أمور لا تناسبه مثل تلك التي يحرمها الشرع، وقد نمتنع عن المصادقة على اتفاقية في مجال حقوق الإنسان أو نتحفظ على بعض بنودها .وهذا حقنا تماما، ونراعي في كل الاتفاقيات التي نصادق عليها القيم الدولية وخصوصية المجتمع ونعرف أن الاتفاقيات الدولية أعلى في المكانة القانونية من الدستور(المادة80 من الدستور تنص على ذلك) . وهنالك لجنة وزارية تضم عدة قطاعات هي المكلفة بمتابعة وتقييم الاتفاقيات ونحن ملزمون بتقديم تقارير دورية عن وضعية حقوق الإنسان في البلد.
وبخصوص آفاق المستقبل قال معالي المفوض، إن مفوضية حقوق الإنسان تعمل على وضع إستراتيجية جديدة بالتعاون مع المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، تكون مؤسسة على أهداف الألفية . وقد تم التعاقد مع خبير بخصوصها والهدف منها وضع رؤية شاملة لحقوق الإنسان، رؤية ميدانية، يساهم في تصورها كل الفاعلين الوطنيين والشركاء الدوليين الفنيين والماليين ومنظمات المجتمع المدني. ونوه بأنه تم انجاز هذه الإستراتيجية وستقدم قريبا لمجلس الوزراء للمصادقة عليها وبخصوص حقوق المرأة فقد تمت المصادقة على أهداف الألفية، وبالنسبة للطفل لدينا، يقول معالي المفوض، برامج تتصدى للأطفال المتسولين في الشارع وتسعى لإعادة دمجهم.
وكشف معالي المفوض بأن أبرز محاور مسودة الإستراتيجية التي أعدها الخبير ميدانيا على عموم التراب الوطني تظهر أن ظاهرة الاسترقاق والاتجار بالبشر قد أصبحت ثانوية في البلد بعد أن كانت أساسية، خاصة في ظل امتلاك البلاد لترسانة قانونية رادعة ووجود مجتمع مدني قوي وفاعل ومراقب وحملات مكثفة للتحسيس ومحاكم تطبق القانون وسلطات تتعامل مع هذه القضايا.
وفي الختام أكد معالي المفوض أن الإنجازات في مجال حقوق الإنسان تحتاج عشرات السنين لكن إنجازات كثيرة تحققت في ثلاث سنوات ونصف الماضية، حيث تحقق الكثير في مجال الحقوق السياسية والمدنية وهناك الكثير يقام به الآن في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية مثل ما تقوم به مندوبية “تآزر” وغيرها ومثل “المدرسة الجمهورية . منوها في الختام بالارتباط القوي بين حقوق الإنسان والتنمية .