بانجول:
ألقى السيد المفوض المساعد لحقوق الانسان و العمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني السيد الرسول ولد الخال، كلمة الوفد الرسمي المشارك في أعمال الدورة العادية الحادية والثمانين للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، التي انطلقت اليوم بالعاصمة الغامبية، بانجول.وقد استعرض المفوض المساعد في خطابه أهم التطورات الحاصلة في مجال ترقية وحماية حقوق الإنسان في البلد خلال السنة الماضية، معرجا على أهم التحديات التي تواجه القارة الأفريقية وكذا الوضع المأساوي في قطاع غزة.ويضم الوفد الذي يمثل بلادنا في الدورة، كل من :- سعادة السفير حمود ولد عبدي، سفير بلادنا لدى جمهورية غامبيا.- السيد سيدي محمد ولد الإمام، مدير حقوق الإنسان.- السيد اسلمو ولد علي، مدير العلاقات مع المجتمع المدني.- خطري ولد حكي، مستشار بالسفارة.- سيدي ولد ألمين، مستشار بالسفارة.
و إليكم الكلمة
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
أصحاب السعادة السفراء ومندوبي الدول؛
السيد رئيس اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب؛
السادة والسيدات أعضاء اللجنة؛ السادة والسيدات ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية؛ السادة والسيدات رؤساء وممثلو المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني؛
أيها السادة والسيدات؛ إنه لمن دواعي السرور أن أشارككم اليوم، باسم حكومة الجمهورية الإسلامية الموريتانية، انعقاد الدورة الحادية والثمانين للجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. كما أغتنم هذه الفرصة لأتقدم بخالص الشكر وعظيم الامتنان لحكومة غامبيا على احتضانها لهذه الدورة وعلى حسن الاستقبال وكرم الضيافة اللذين حظيت بهما أنا والوفد المرافق لي منذ قدومنا إلى أرض جمهورية غامبيا؛ بلد الأمن والسلام. كما يطيب لي أن أهنئ باسم وفد بلادي السيد الرئيس وأعضاء اللجنة الموقرة على العمل الجبار الذي يقومون به للنهوض بحقوق الإنسان والشعوب على مستوى قارتنا، معبرا كذلك عن ارتياحنا لمستوى التعاون المتميز مع اللجنة وآلياتها الخاصة. السيد الرئيس؛ لا يمكن في مستهل الحديث عن حقوق الإنسان، إلا أن نستحضر ما يتعرض له الشعب الفلسطيني في قطاع غزة من معاناة فاقت حدتها كل التوقعات والتصورات. إن مشاهد الدمار الهائل، وآلاف القتلى، وعشرات آلاف المشردين والجرحى، من النساء، والأطفال، والمسنين والأبرياء العزل، لَمِن أبشع صور الجرائم ضد الإنسانية. فأين هي قداسة حقوق الإنسان؟ وكرامتِه؟ وأين هي القيم الإنسانية والقانون الدولي؟ إن من واجبنا جميعا، كدول أعضاء في الاتحاد الافريقي، أن نسعى لمؤازرة الجهود الرامية لتحقيق الوقف الفوري لإطلاق النار وفك الحصار، توطئة للشروع في تحريك عملية سلام تقوم بموجبها دولة فلسطينية ذات سيادة، طبقا لقرارات الشرعية الدولية. السيد الرئيس؛ على الرغم من الجهود الكبيرة وحجم المُنجزْ في مجال حقوق الإنسان، لاتزال قارتنا تواجه مجموعة من العوائق والتحديات الجمة التي تقف حجر عثرة دون تحقيق مستوى من النمو والاستقرار في بلداننا ودون تمتع البعض بأبسط حقوقه الأساسية والضرورية. ولعل من بين تلك العوائق والتحديات -على سبيل المثال لا الحصر-النزاعات والتهريب والإرهاب، والتطرف العنيف، والهجرة السرية، والتأثير ات المناخية، والمتاجرة بالبشر. وفي هذا الإطار، لم تزل بلادنا تقوم بجهود حثيثة، على المستوييْن الدولي والإقليمي، للمساهمة الفعلية في حل النزاعات، واستقبال وإيواء النازحين وطالبي اللجوء، ورفع التحديات عن طريق سياسات متنوعة ومقاربة أمنية شاملة سعياً للتصدي للإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة العابرة للحدود. واقتناعا منها بأن الاستقرار وسيادة القانون هما الضامن للحرية وحماية الأفراد والشرط الأساسي للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، التزمت حكومة بلادي بتعزيز الحكامة السياسية والديمقراطية والحوار السياسي، الشيء الذي أفضى إلى إنشاء مؤسسات ديموقراطية راسخة ومستقرة. وقد تم مؤخرا، تنظيم انتخابات رئاسية في يونيو الماضي، في جو من الشفافية والمنافسة الشريفة، عاكسة بذلك نضج مؤسساتنا ومسارنا الديموقراطي، شهد بذلك العديد من المراقبين الدوليين والإقليميين، من بينهم الاتحاد الافريقي. وقد توجت هذه الانتخابات بالتجديد لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني، الذي تقدم للشعب الموريتاني ببرنامج حقوقي بامتياز يدعى “طموحي للوطن”. السيد الرئيس؛ عرفت حالة حقوق الإنسان في موريتانيا خلال العام المنصرم انجازات كبيرة في مجال ترقية وحماية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، تعززت معها المكتسبات الوطنية في مجال بناء دولة القانون والمؤسسات وترسيخ قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان. وفي هذا السياق، تم اعتماد الإستراتيجية الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان، الأولى من نوعها في البلاد، والتي تم إعدادها بالتعاون مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وفقا لنهج تشاوري طويل، شمل مختلف أطياف الفاعلين في الميدان الحقوقي. وسيمكن تنفيذ هذه الاستراتيجية من تجسيد رؤية موريتانية شاملة لمختلف قضايا وإشكالات حقوق الإنسان في البلد، تحقيقا للعدالة والرقي الاجتماعيين وتعزيز دولة القانون وإقامة مجتمع شامل خال من كل أشكال الإقصاء. عرف كذلك الإطار المؤسسي لحقوق الإنسان تطورا هاما في بلادي، من خلال تفعيل الهيئة الوطنية لمحاربة الاتجار بالأشخاص وتهريب المهاجرين، التي تعمل من خلال آلياتها المتعددة، على ضمان حماية حقوق ضحايا هذه الظاهرة المشينة. السيد الرئيس؛ في مجال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، تركز عمل الحكومة على المحاور التالية: • التهدئة والحوار ونهج الانفتاح على الجميع، • محاربة الفقر والإقصاء والهشاشة ودعم البرامج الاجتماعية لتعزيز العدالة الاجتماعية، • تحسين الحكامة ومكافحة الفساد وإصلاح الإدارة لضمان الشفافية والكفاءة، • تعزيز دور الشباب والمرأة وزيادة مشاركتهم في مواقع اتخاذ القرار وإدارة الشأن العام، • إطلاق مشاريع متنوعة لتحسين قابلية التشغيل وتعزيز التكوين المهني وريادة الأعمال، • النفاذ إلى التعليم والصحة والخدمات الأساسية الأخرى، • إرساء دعائم المدرسة الجمهورية وتطوير النظام التعليمي، • تعزيز استقلالية النظام القضائي وحرية الصحافة. السيد الرئيس، عززت بلادنا تفاعلها الإيجابي مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان. وفي هذا السياق، استضفنا خلال العام المنصرم الفريق العامل للأمم المتحدة المعني بحقوق المرأة والفتاة. كما شاركنا في الحوار التفاعلي مع المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بأشكال الرق المعاصرة، لنقاش التقرير الختامي لزيارته التي قام بها لبلادي في عام 2022. كما قدمت بلادي، وفقا لالتزاماتها الدولية والإقليمية في مجال حقوق الإنسان، التقارير الأولية والدورية أمام هيئات المعاهدات التالية: • لجنة مناهضة جميع أشكال التمييز ضد المرأة؛ • لجنة حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة؛ • لجنة حماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري؛ • لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. علاوة على إجراء مشاورات متابعة مع لجنة الخبراء الأفارقة حول حقوق الطفل ورفاهيته، تتعلق بمتابعة تنفيذ توصيات وقرارات اللجنة. السيد الرئيس، إن الحكومة الموريتانية ما فتئت تؤكد على تمسكها بالتزاماتها الإفريقية في مجال حقوق الإنسان وباستعدادها الدائم للتعاطي الإيجابي والفعال مع جميع آليات اللجنة. وستتعزز هذه الشراكة بإيداع التقرير الدوري الثامن عشر حول تنفيذ الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب خلال العام القادم بحول الله. ونتطلع إلى المزيد من التعاون من خلال تبادل التجارب ما بين مؤسساتنا المختصة واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. أسمحوا لي ختاما أن أؤكد لكم حرص السلطات العليا في بلادنا على المضي قدما في مواكبة كافة الجهود الرامية إلى حفظ وصيانة كرامة الإنسان على مستوى القارة، متمنيا لأعمال دورتنا التوفيق والنجاح. أشكركم، والســلام عـليكم ورحمة الله تعالى وبركاته