جنيف, 02/03/2022
أوضح معالي مفوض حقوق الإنسان والعمل الإنساني والعلاقات مع المجتمع المدني، السيد الشيخ أحمدو ولد أحمد سالم ولد سيدي، أن حالة حقوق الإنسان في بلادنا عرفت تقدما ملحوظا في مجال ترقية وحماية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، تعززت معها مكانة موريتانيا بين مصاف الأمم الساعية بجد إلى بناء دولة القانون والمؤسسات، وترسيخ الديموقراطية وحقوق الإنسان، وترقية وصون مفاهيم الحرية بما يضمن بناء الإنسان الحر المالك زمام إرادته.
وأضاف في خطاب ألقاه اليوم الأربعاء أمام الدورة التاسعة والأربعين لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، أن الحكومة الموريتانية استحدثت هيئات وبرامج غايتها دمج وتكوين ومساعدة الفئات التي ظلت مهمشة ومغبونة كي تتبوأ المكانة اللائقة في المجتمع؛ وهو ما أكد عليه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب وادان الشهير، حيث حث على ضرورة “تجاوز رواسب هذا الظلم في موروثنا الثقافي، وتطهير الخطاب والمسلكيات من الأحكام المسبقة والصور النمطية الزائفة”.
وفيما يلي نص الخطاب:
“بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
السيد رئيس مجلس حقوق الإنسان الموقر،
السيدة المفوضة السامية لحقوق الإنسان،
السادة والسيدات الوزراء،
أصحاب السعادة السفراء، ومندوبي الدول،
السادة والسيدات ممثلي المنظمات الدولية والإقليمية،
السادة والسيدات ممثلي المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني،
أيها السادة والسيدات
يطيب لي، بداية، أن أعبر باسم حكومة الجمهورية الإسلامية الموريتانية عن أخلص التهاني وأطيب التمنيات لمجلسنا الموقر وللمفوضية السامية لحقوق الإنسان على العمل الجبار الذي ما فتئوا يقومون به من أجل ترقية وحماية حقوق الإنسان وصيانة كرامته في كافة أنحاء العالم.
السيد الرئيس،
على الرغم من الجهود الكبيرة وحجم المنجز في مجال حقوق الإنسان، فإن عالمنا ما يزال يواجه مجموعة من العوائق والتحديات الجمة التي تقف حجر عثرة دون تطبيق العديد من المعاهدات ذات الصلة، ودون تمتع البعض بأبسط حقوقه الأساسية والضرورية.
ولعل من بين تلك العوائق والتحديات- على سبيل المثال لا الحصر- النزاعات والتهريب والإرهاب، والتطرف العنيف، والهجرة السرية، والتأثيرات المناخية، والمتاجرة بالبشر.
وفي هذا الإطار، لم تزل بلادنا تقوم بجهود حثيثة، على المستويين الدولي والإقليمي، للمساهمة الفعلية في حل النزاعات، واستقبال وإيواء النازحين وطالبي اللجوء، ورفع التحديات عن طريق سياسات متنوعة ومقاربة أمنية شاملة سعيا للتصدي للإرهاب والتطرف والجريمة المنظمة العابرة للحدود خاصة في إطار مجموعة دول الساحل الخمس.
السيد الرئيس،
يشهد العالم منذ عامين تحديا كونيا كبيرا تمثل في جائحة كوفيد-19 التي مازلنا نعيش تداعياتها، إذ أَثرت بشكل كبير على البرامج الاقتصادية وعلى أنماط العيش المعتاد.
وبفضل السياسات المحكمة التي اتبعتها بلادنا لتسيير الأزمة، تم منح الأولوية لإعمال الحقوق الاقتصادية والاجتماعية خاصة لصالح الفئات الهشة من السكان. وقامت بإطلاق برامج كبرى من بينها برنامج الأولويات، والبرنامج الرعوي الخاص، وخطة التضامن الوطني والتصدي لجائحة كوفيد-19.
السيد الرئيس،
عرفت حالة حقوق الإنسان في بلادنا تقدما ملحوظا في مجال ترقية وحماية الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية، تعززت معها مكانة موريتانيا بين مصاف الأمم الساعية بجد إلى بناء دولة القانون والمؤسسات، وترسيخ الديمقراطية وحقوق الإنسان، وترقية وصون مفاهيم الحرية بما يضمن بناء الإنسان الحر المالك زمام إرادته.
وفي هذا السياق، تم، لأول مرة، إطلاق مسار إعداد استراتيجية وطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان في البلاد، وفق مسار تشاوري، بالتعاون مع مكتب المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في بلادنا.
السيد الرئيس،
شهد الإطار القانوني والمؤسسي لترقية وحماية حقوق الإنسان تطورا نوعيا من خلال المصادقة على نصوص تشريعية جديدة عززت حماية الحقوق والحريات، كالقانون 004-2021 المتعلق بالجمعيات والهيئات وبالشبكات، الذي يكرس لأول مرة، نظام التصريح للجمعيات بدل الترخيص، ومن خلال إنشاء المرصد الوطني لحقوق المرأة والفتاة.
كما تم استحداث جائزة وطنية لتشجيع المدافعين عن حقوق الانسان وتعزيز اللحمة الاجتماعية.
وفي مجال محاربة العبودية والاتجار بالبشر، نظمت حكومة بلادي طاولة مستديرة حول إنفاذ القانون 031-2015 المجرم للعبودية والمعاقب للممارسات الاستعبادية، أسفرت عن صياغة توصيات واقتراح حلول لإنفاذ القانون. كما توجت بإصدار تعميم وزاري مشترك يحث القائمين على إنفاذ القانون على اتخاذ التدابير اللازمة المنصوص عليها في القوانين لضمان مسطرة قضائية فاعلة. علاوة على تنظيم ورشات تكوينية وحملات تحسيسية حول التشريعات لصالح السلطات الإدارية والقضائية والأمنية ومنظمات المجتمع المدني.
السيد الرئيس،
في إطار تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، واصلت الحكومة تنفيذ برنامج أولوياتي الموسع، الذي يحتوي على أكبر عدد من المشاريع المتزامنة في تاريخ البلد. يهدف هذا البرنامج إلى رفع القوة الشرائية للمواطنين وتحسين الولوج للخدمات الأساسية وخلق فرص للعمل. وقد استفاد منه ما يقارب 50% من السكان.
كما تم توسيع الرعاية والتأمين الصحيين ليشملا ما يقارب 16% من الأسر المتعففة، وتدشين 64 بنية تحتية مدرسية مكتملة، وإطلاق برنامج الكفالات المدرسية، وهو ما يعكس بوضوح الأهمية التي توليها السلطات العليا لترقية التعليم والصحة ولتقليص الفوارق الاجتماعية ومكافحة الغبن والتفاوت بين فئات المجتمع.
وفي ذات السياق، تم استحداث هيئات وبرامج غايتها دمج وتكوين ومساعدة الفئات التي ظلت مهمشة ومغبونة كي تتبوأ المكانة اللائقة في المجتمع؛ وهو ما أكد عليه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد الشيخ الغزواني في خطاب وادان الشهير، حيث حث على “تجاوز رواسب هذا الظلم في موروثنا الثقافي، وتطهير الخطاب والمسلكيات من الأحكام المسبقة والصور النمطية الزائفة”… مضيفا أنه “ليس ثمة ما هو أقدر على حماية الفرد وصون كرامته وحقوقه من وحدة وطنية راسخة في كنف دولة قانون حديثة”. وقد لاقى هذا الخطاب صدى واسعا وتفاعلا في مختلف أوساط فئات المجتمع.
السيد الرئيس،
إن بلادنا ماضية، بجد وبكل الوسائل، في تمسكها بالتزاماتها الدولية في مجال حقوق الإنسان. وقد تجسد ذلك في تعاطيها الإيجابي والمستمر مع كافة الهيئات والآليات الأممية والإقليمية المختصة.
ولعل مرور بلادنا الأخير أمام آلية الاستعراض الدوري الشامل ومشاركتها في حوار تفاعلي مع فريق العمل الخاص بالاختفاء القسري، أمور من بين أخرى تشهد على الإرادة الصادقة والديناميكية الملحوظة التي يعرفها مسار العلاقة مع هذه الهيئات. وننتظر، في الأشهر القادمة زيارة المقرر الخاص المعني بالأشكال المعاصرة للرق ورئيسة فريق العمل المعني بحقوق المرأة والفتاة.
السيد الرئيس،
اسمحوا لي أن أثمن، باسم الحكومة الموريتانية، جهود كافة هيئات الأمم المتحدة المواكبة والداعمة لبلادنا في مجال حقوق الإنسان، وخاصة مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في بلادنا، وكذا المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان ومنظمات الدفاع عن حقوق الإنسان التي تمثل مشاركتها وبفعالية مؤشرا مهما على المكانة التي تتمتع بها والدور الكبير الذي بات ينتظر منها سواء على مستوى التعبئة أو التثقيف أو المشورة.
وختاما، أعرب لكم عن حرص السلطات العليا في بلادنا على المضي قدما في مواكبة كافة الجهود الرامية إلى حفظ وصيانة كرامة الإنسان، متمنيا لأعمال دورتنا التوفيق والنجاح.
أشكركم، والســلام عـليكم ورحمة الله تعالى وبركاته”.