جدة
تم صباح اليوم الاحد في جدة بالمملكة العربية السعودية اختيار بلادنا للمشاركة الفنية في الجلسات النقاشية حول
موضوع الدورة العادية ال 24 للهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان لمنظمة التعاون الإسلامي حيث شارك مدير حقوق الإنسان السيد سيدي محمد ولد الإمام بورقة فنية في الجلسة الثالثة المتعلقة بالممارسات الفضلى ووجهات النظر الإقليمية بشأن الحق في الصحة.
كما تم في ختام أعمال اليوم الأول تكريم السيد المدير من طرف الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان، ضمن الشخصيات المكرمة لهذه الدورة.
وفي مايلي النص الكامل لمشاركة السيد المدير العام:
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
سعادة رئيس الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان لمنظمة التعاون
الإسلامي؛
السيدة المدير التنفيذي لأمانة الهيئة؛
أيها الجمع الكريم.
يشرفني أن أشارككم اليوم انعقاد الدورة العادية ال24 للهيئة الدائمةالمستقلة لحقوق الإنسان لمنظمة التعاون الإسلامي، شاكرين لها أدوراها الرامية إلىترقية وحماية حقوق الإنسان في العالم الإسلامي.
نجتمع اليوم لنناقش أحد الحقوق الإنسانية الأساسية والجوهرية لرفاهية المجتمعات وازدهارها: “الحق في الصحة: من منظور إسلامي ومنظور حقوق الإنسان”، وذلك في ظل تحديات عديدة تواجهنا تتعلقبالتغيرات المناخية، والأزمات الإنسانية، والجوائح العالمية.
من منظور إسلامي، يُعتبر الحق في الصحة أحد الحقوق الأساسية التي كفلها الله
للإنسان. إذ يُعد الحفاظ على الصحة واجباً دينياً. يقول النبي صلى الله عليه وسلم:
“إن لجسدك عليك حقا”.
أما من منظور حقوق الإنسان، فإن الحق في الصحة يُعتبر حقاً أساسياً ينص عليه
الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعيةوالثقافية. يُشير هذا الحق إلى إمكانية كل فرد في التمتع بأعلى مستوى ممكن من الصحةالبدنية والعقلية، بما في ذلك الحصول على الرعاية الصحية اللازمة، والوصول إلى المياهالنظيفة والغذاء الكافي، والبيئة الصحية.
بناءً على ذلك، تتكامل القيم الإسلامية مع مبادئ حقوق الإنسان لتؤكد علىضرورة توفير الرعاية الصحية كحق أساسي لكل فرد، وتحقيق العدالة الاجتماعية في هذا المجال.
أيها الجمع الكريم؛
من التجربة الموريتانية التي أعرف، تجعل الحكومة من الولوج إلىالخدمات الصحية ذات الجودة أولوية وطنية في تنمية البلاد، تماشيامع برنامج “طموحي للوطن”، والذي هو في حقيقة الأمر برنامجحقوقي بامتياز، حرص على تضمين الاستراتيجية الوطنية لترقية وحماية حقوق الإنسان2024-2028، التي كرست المحور الإستراتيجي الثاني للحق في الصحة، كأحد الالتزاماتالرئيسية للحكومة التي تعمل على تنفيذها خلال السنوات القادمة بحول الله.
وقد حققت الحكومة خطوات مهمة نحو تعزيز الحق في الصحة، من خلال تطوير
سياسات صحية تستند إلى الاحتياجات الفعلية للسكان، وبذل جهود كبيرة في تحسينالبنية التحتية الصحية، وتوفير الخدمات الطبية الأساسية، وزيادة الوصول إلىالأدوية والرعاية الصحية. من ذلك علىسبيل المثال لا الحصر:
· وضع خريطة صحية بناءً على حالة شاملة.
· وضع نظام تسعير للخدمات الطبية المقدمة من قبل الهياكل الصحيةالوطنية بموجب قرار 0115 بتاريخ 06 مارس 2020.
· تحديد هوامش الربح على الأدوية المصرح بها لتجارة الجملة والتجزئة
بموجب قرار مشترك لوزير الصحة والتجارة رقم 000112 بتاريخ 25 فبراير 2020.
· توقيع اتفاقية بين “وزارة العمل الاجتماعي والطفولةوالأسرة ” ووزارة الصحة لتحديدشروط الوصول والرعاية للأشخاص ذوي الإعاقة والمرضى الذين يحتاجون لغسيل الكلى.
· إنشاء مؤسسة عامة ذات طابع إداري تسمى “الصندوق الوطنيللتضامن الصحي” بموجب مرسوم رقم 2022-130 بتاريخ 07 سبتمبر 2021، والتي تمثل تأمينشمولي وطوعي.
· إنشاء نظام وطني للوصول إلى الرعاية والأدوية الأساسية ذات الجودة
يدعى “ميسر” بموجب مرسوم رقم 2022-119 بتاريخ 17 أغسطس 2022، والذي يوفرالأدوية الأساسية للصيدليات داخل جميع المؤسسات الصحية العامة في البلاد.
· إنشاء وحدة تنسيق العمل بين مختلف الجهات المعنية في الاستجابة
للحالات الطارئة، مع وضع آليات لاستجابة فعالة للأوبئة.
كماتم خلال السنوات الخمس الماضية، إنشاء وتجهيز أكثر من 47 منشأة صحية وفقا لخطةالتغطية بالخريطة الصحية. واكتتاب أزيد من 2800 مهني من كافة التخصصات، مما مكن منالوصول إلى معدل 23 مهني صحي لكل 10 آلاف نَسَمة، ويجري العمل حاليا على اكتتاب560 آخرين.
كما وضعت الحكومة برنامجا يدعى “ميسر” لتوفير الأدوية الأساسية عالية الجودة
لجميع المنشآت الطبية العمومية بأسعار ميسرة.
وسبيلا للوصول للضمان الصحي الشامل، تضاعف عدد المُؤمَّنين ليصل إلى
797.200 ، واستفادت 100 ألف أسرة الأكثر فقرا من التأمين الصحي، في نظام الصندوقالوطني للتأمين الصحي، بتكلفة سنوية قدرها 2,1 مليار أوقية، بالإضافة لإنشاء الصندوقالوطني للتضامن الصحي، الذي استفاد أكثر من 43.200 شخصا من خدماته خلال عامه الأول.
كما تبنت الحكومة، من بين أمور أخرى، إستراتيجية للصحةالإنجابية تشتمل على عدة إجراءات مثل توفير الرعاية الأساسية والطارئة للولادة،
التكفل بمضاعفات الولادة، والوقاية من انتقال مرض انعدام المناعة المكتسب من الأمإلى الطفل، التكفل بالنواسير التوليدية ورعاية حديثي الولادة. علاوة على وضع
برنامج وطني مجاني للتطعيم لصالح الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 0 إلى 5 سنوات.
أيها السادة والسيدات؛
من المنظور الإسلامي، نُشَجِّع على تكريس الجهود لحماية وتعزيز هذا
الحق، مستندين إلى مبادئ العدل والرحمة التي حث عليها ديننا الحنيف دون تمييز.
من منظور حقوق الإنسان، نؤكد على أهمية تحقيق هذا الحق من خلال السياسات
والتشريعات التي تضمن الوصول العادل إلى خدمات الصحة، وتؤكد على الحق في الحصول
على المعلومات الصحية، وتعزز من الأمان النفسي والاجتماعي.
إن التعاون البيني كدول أعضاء في منظمة التعاون الإسلامي يجب أن يكون
منسجمًا مع رؤية شاملة تعزز هذه الحقوق، وتساعد على بناء مجتمعات صحية وقوية.
وفي هذا الإطار، يمكن إقليميا رصد بعض الممارسات والسياسات كما يلي:
1. توحيد الجهود الصحية الإقليمية من خلال :
• دعم إنشاء آليات إقليمية مثل الصندوق العربيللصحة والتنمية الاجتماعية، لتعزيز التعاون بين الدول.
• العمل عبر منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدولالعربية على مبادرات صحية لمكافحة الأمراض المعدية وتحسين الخدمات الصحية.
2. الأمن الصحي الشامل:
• التركيز على تعزيز قدرة الدول على مواجهة الأوبئة
مثل “كوفيد-19”، عبر
تحسين نظم الرصد والاستجابة السريعة.
3. الصحة كحق تنموي:
• اعتبار الصحة مكونًا رئيسيًا للتنمية المستدامة
(الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة)، مع تعزيز الشراكات لتحقيق تقدم ملموس.
4. التمويل الصحي:
• الدعوة إلى زيادة الإنفاق الصحي وضمان التوزيعالعادل للموارد الصحية في جميع المناطق.
5. الاهتمام بالفئات الأكثر هشاشة:
• برامج لتحسين صحة اللاجئين والمهاجرين والفئاتالمتضررة من النزاعات، خاصة في مناطق النزاع.
ختاما، أؤكد لكم التزام حكومة بلادي بمواصلة التعاون البناء مع الهيئة الدائمةالمستقلة لحقوق الإنسان والعمل على تحقيق أهدافها المنشودة. كما نتطلع إلى توقيعمذكرة التفاهم مع الهيئة خلال الدورة القادمة، والعمل على بناء مستقبلٍ أفضلٍ
قائمٍ على العدالة والمساواة، انطلاقاً من مبادئنا المشتركة في تعزيز حقوق الإنسان.
شكراً لكم جميعاً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.